اسباب اختلاف الامة الاسلامیة: کیفیة مواجهتها فی ضوء اهمّ القواعد الفقهیة

الاختلاف بین المسلمین امر طبیعی فی حدّ ذاته وممدوح اذا کان اساساً للخیر والتعاون والتعایش السلمی، لکن یخرج عن طبیعته ویکون مذموماً اذا کان اساساً لتباعد وتنابذ المسلمین وسفک دماء بعضهم بعضاً ممّا سوف یودّی الى تمزیق وتضعیف المجتمع الاسلامی . الیوم یشهد العالم الاسلامی والمسلمون مناخاً مشحوناً بالاحقاد المذهبیة والطائفیة والقومیة والعرقیة، وکثرة جدل مذهبی واهانة وتحقیر رموز المسلمین ممّا ساعد فی توسعة التفرقة. وهذا کله اوجب علینا البحث حول هذا الموضوع وتناول کیفیة ایجاد حلول شافیة لتلک المشاکل العویصة.انّ قضیة وحدة الامة الاسلامیة تمثل اساس الحلول الجوهریة فی مواجهة وادارة مشاکل العالم الاسلامی، اذا تمت دراستها بشکل صحیح. نرى النصوص الاسلامیة ملیئة بالمفاهیم والقضایا تدعو المسلمین الى توحید صفوفهم کما تحذّرهم من التشتت والتفرقة. وعلى هذا الصعید تناولت هذه المقالة البحث فی تحدید ماهیة اختلاف المسلمین، وذکر اسبابها وکیفیة نشوئها فی المجمتع، مثل الاختلاف الناشئ من العقیدة والمذهب الفقهی وکذلک الاختلاف الناشئ من السیاسیة والاختلاف الاجتماعی والنفسی. وبعد الحدیث عن اهمّ اسباب الاختلاف وتحدیدها، تکلمنا عن کیفیة مواجهتها وطرق ادارتها. لانّ الاختلاف لن یوصلنا الى التمزق والتفرق قطعاً، بشرط معرفة کیفیة ادارته ونظمه. ومن اهمّ المناهج فی ادارة الاختلاف هو المنهج الاسلامی المتمثل بالقواعد الفقهیة. وتناولنا فی هذا المحور-اجمالاً-اهمّ القواعد الفقهیة المنظمة للعلاقات فی المجتمعات الاسلامیة المتنوعة مذهبیاً، وهی قاعدة عصمة دم المسلم، وقاعدة عصمة کرامة المسلم، وقاعدة عصمة مال المسلم. وهذه القواعد هی الاصول الاساسیة فی ادارة الاختلاف بین المسلمین وتقویة وحدتهم وصیانة حقوق بعضهم بعضاً فی جمیع مجالات الحیاة: الدینیة والاجتماعیة والثقافیة والاقتصادیة وغیرها. ثم فی الاخیر توصلنا من خلال هذه القواعد المهمة ان کل من یقول کلمة الشهادة یصبح مسلماً کسائر المسلمین حیث تجری علیه احکام الاسلام من حقن الدم واحترام عرضه ماله وحلّ مناکحته وطهارة بدنه. وانّ القواعد تاسس لنا الطریقة النموذیة التی تضمن وحدة الامة وکذلک تدیر العلاقات بین المسلمین نحو الاحسن رغم اختلافاتهم. فالمرجعیة الاساس لحسم النزاع هی التحاکم بالکتاب الکریم والسنة الشریفة المتمثلة بقاعدة عصمة دم المسلم، قاعدة کرامة المسلم وقاعدة عصمة مال المسلم.