الالعاب الشعبیة عند الایرانیین والعرب: مدخل لفهم الصلات بین الثقافتین

یفتح التواصل بین امة واخرى نافذة على الذات والهویة؛ معرفة وادراکًا، یفید منه اطراف التواصل؛ الرغبة فی التجدید والاقتباس والاقلمة والتنقیح الثقافی، وربما ینفذ الى معالجة الادوات والتقنیات والاسس. الثقافة والفکر واللغة والعقائد والعادات هی المیادین التی یتجلى فیها تاثیر التواصل. واذا کان العالم فی طبیعته یختلف اختلافًا بیّنًا فی معاییر القوة والضعف، والسلم والحرب، وفی الانفتاح والانغلاق، والتشدد والتسامح، والتقدم والتخلّف، فان علاقة التاثیر والتاثُّر تتاثر بتلک الاختلافات؛ فتنساق الامة الاقل قوة، والاقل ثراءً حضاریًا الى المحاکاة والتماهی مع الامة الاقوى ثراءً فی الحضارة والثقافة والمعرفة. ولا یُلغی اختلاف الزمن وسرعة او بطء تقنیاته فکرة التماهی والمحاکاة للاقوى.ظل التواصل بین العرب والایرانیین قائمًا، وازداد بعد وصول الاسلام الى بلاد فارس، واتسع مع ذلک التبادل الحضاری، وشمل عدة مستویات؛ ثقافیة واجتماعیة وفنیة، وشمل الترفیه ایضًا، وقد اخذ العرب عن الفرس اسالیب تنظیم الحکم، والآداب السلطانیة، وتاثیث الفضاء الاجتماعی الیومی؛ المطعم والملبس والترفیه. وساهم الاسلام فی اطار التواصل بمزید من فرص التقارب النفسی والاجتماعی، وازداد امتزاج الثقافة الفارسیة بالثقافة العربیة، وامتد التاثیر والتاثیر الى مختلف مجالات الحیاة، ولما کان للترفیه والالعاب من نصیب واضح فی تلک العلاقة التواصلیة، فاننا فی هذا البحث نتناول دور الالعاب من خلال الشواهد الشعریة والفنون التصویریة الاسلامیة، ونسعى الى ابراز التاثیر المتبادل بین الثقافتین العربیة والفارسیة فی هذا المجال..