الوعی التاریخی کاساس للوحدة الاسلامیة

'تتناول الدراسة نماذج من عملیات التزویر الممنهج قام بها بالتدریج مجموعة من ''المورخین'' فظلت الامة الاسلامیة تتحمل تبعاتها الى یومنا هذا، وتم توظیفها کاساس فی جدار الفصل بین جناحی الامة الاسلامیة السنة والشیعة، وفیما قد یکون مفهومًا دوافع الخطاب الطائفی فی وقتنا الحالی، لکن العجیب هو وجود هذه الصراعات الطائفیة حتى قبل ان یعرف العالم الصحافة والاعلام المرئی والمسموع، والاعجب انها موجودة فی مدوّنات من المفترض ان اصحابها قد نذروا اعمارهم لخدمة العلم بکل تجرُّد من ایِّ عصبیةٍ جاهلیة.ربما کان التفکیر الجمعی والخوف من مخالفة المشهور، وربما کان ذهب السلطان وسیفه اعذار کافیة تجعلهم لا یتورعون عن ان ''یحرفون الکلم من بعد مواضعه'' ویتخلون عمدا او تساهیاً او کسلاً عن النزاهة والامانة والدقة العلمیة المطلوبة لتناول روایات تاریخیة یمکن ان تنتج احکاما بهذه القسوة، فضلا عن تشویه حقائق التاریخ وما تبعه من اتساع الهوة وزیادة الاحتقان المذهبی والتخوین المتبادل القائم الى یومنا هذا، یقول العلامة (الامینی): ''.. وَقَدْ سَوَّدَتْ هَاتِیکَ المخَارِیقُ المُخْتَلَقَةُ صَحَائِفَ تَارِیخِ ابْنِ عَسَاکِرَ، وَکَامِلِ ابْنِ الاثِیرِ، وَبِدَایَةِ ابْنِ کَثِیرٍ، وَتَارِیخِ ابْنِ خَلْدُون، وَتَارِیخِ اَبِی الفِدَاءِ اِلَى کُتُبِ اُنَاسٍ آخَرِینَ اقْتَفَوْا اَثَرَ الطَّبَرِیِّ عَلَى العَمَى، وَحَسِبُوا اَنَّ مَا لَفَّقَهُ هُوَ فِی التَّارِیخِ اَصْلٌ مُتَّبَعٌ لَا غَمزَ فِیهِ، مَعَ اَنَّ عُلَمَاءَ الرِّجَّالِ لَمْ یَخْتَلِفُوا فِی تَزْیِیفِ اَیِّ حَدِیثٍ یُوجَدُ فِیهِ اَحَدٌ مَنْ رِجَالِ هَذَا السَّنَدِ، فَکَیْفَ اِذَا اجْتَمَعُوا فِی اِسْنَادِ رِوَایَةٍ. والتَّآلِیفُ المُتَاَخِّرَةُ الیَوْمَ المَشْحُونَةُ بالتَّافِهَاتِ الَّتِی هِیَ مِنْ وَلَائِدِ الاَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ کُلُّهَا مُتَّخَذَةٌ مِنْ هَذِهِ السَّفَاسِفِ.''.تجعلنا هذه الوقائع التاریخیة بحاجة الى اعادة النظر بعین الشک والریبة فی ای اسباب تاریخیة للخلاف السنی الشیعی، وخاصة التی تصدر احکامًا عامةً لا عقلانیة وغیر منصفة بحق الطائفتین، من خلال جعل العلم خادمًا لاغراض السیاسة، ومراجعة الزعم القائل ان التاریخ الاسلامی هو الاسلام نفسه، والواقع ان التاریخ الاسلامی لیس بالضرورة ممثلاً للاسلام، وانه لابد من التفرقة الواسعة بین مبادئ الاسلام الربانیة الثابتة الممثلة فی القرآن الکریم والعقل کاساس للوحدة الاسلامیة.'