دلالة العموم فی الامثال العربیة؛ دراسة وصفیة

تنبنی المفاهیم فی اللغة على اساس التکوین التراکمی للمعانی، التی انُتجت من الاتصال بین الدال والمدلول، ومن ثمَّ تبدا مرحلة التقعید للغة، لتحدید المعنى ضمن الثقافة الواحدة، واللغة العربیة لا تشذ عن هذه الطریقة فی تشکیل البناء اللغوی، ومن ثمَّ تبدا عملیة الانتاج بالاقتران مع التجربة الانسانیة، لتصبح اللغة منبثقة من الطبیعة الانسانیة، وفاعلة فی تشکیل بنیة التفکیر، الامر الذی یصنع عملیة تلاقح وتبادل بین اللغة والانسان، بین القواعد والمعانی المطروحة. والامثال بوصفها نتاج تجربة انسانیة، لابد من وجود خصائص تمثل جوهرها ووجودها الثقافی داخل المجتمع، فهی تاخذ صفتها الوجودیة ضمن ای ثقافة بالاتکاء على المفاهیم اللغویة التی انبنت فیها، والامثال العربیة صُنعت وحُیکت ضمن مفاهیم ثقافیة وانسانیة عربیة، لتصبح ممثلة للبیئة التی نشات بها، وکل مثل عربی لا بد من وجود حکایة صیغت على اثرها الامثال، لتستمد الامثال وجودها من الحکایة الممثلة للتجربة الانسانیة، والملبیة للبناء اللغوی العربی الخاص، ضمن انظمة قواعدیة دقیقة، لیصبح المعنى فیها دالًا على معنى یمثل العموم فی التجربة. والعموم فی اللغة یاخذ الجانب النحوی التشکیلی، بوصفه یدل على اصل التشکیل، لذلک نجده مرتبطًا فی النحو بمفردات مثلت کینونة اللغة العربیة مثل التذکیر والتنکیر، فقول (ما جاءنی من رجل)، تدل على الجمع، فلو تغیّر التشکیل واصبح (ما جاء رجل) فلا تدل الجملة على العموم، فالتنکیر لابد من وجود صیاغة محددة تدل على العموم، وهکذا یکون الاسلوب مع المفردات الدالة على الاصل والتعمیة عاملة على تشکیل الصورة فی الذهن، لذلک سنحاول فی هذا البحث تسلیط الضوء على فکرة العموم فی الامثال، بالاعتماد على المفاهیم النحویة، التی تُعد الرکن الاساسی فی البلاغة العربیة کما اکد علیها عبد القاهر الجرجانی، ودخولها فی منطقة البلاغة، تعنی انَّ الامثال تمتاز بالایجاز فی ارسال المعنى، وعمومیة المعنى.