الایزدیّة والوضع المعاصر

تعتبر بلاد الشرق من اقدم بقاع العالم، وقد کانت مهداً للحضارات البشریّة، ومنبعاً للادیان الابراهیّمیّة وغیر الابراهیمیّة، التی انتشرت وعُرِفت بین ابناء تلک المنطقة. فهذه البقعة العتیقة التی بدا منها التاریخ، کانت محلّ اهتمامٍ للمورّخین والباحثین من الغرب والشرق على حدٍّ سواء.ومن تلک الادیان التی انتشرت فی منطقة بلاد ما بین النهرین، وکانت محلّ جدلٍ واختلاف بین المورّخین والکتّاب على مرّ التاریخ هی الدیانة الایزدیّة او ما تسمى بالیزیدیّة. وقد تعدّدت الروایات والبحوث التاریخیّة حول نشاة هذه الدیانة، اذ یعتقد البعض انّها وُجدت منذ آلاف السنیین، فی حین یذهب البعض الآخر بالقول بانها انبثقت عن الدیانة البابلیة القدیمة التی کانت قائمةً فی بلاد ما بین النهرین. وقد تعایش اتباع هذه الدیانة مع منطقتهم، وانخرطوا بالمجتمع المحیط بهم.وفی ظل ما شهدته المنطقة من احداثٍ فی السنوات الاخیرة، کانتشارٍ للجماعات والتنظیمات الارهابیة فی بعض مناطق العراق وسوریا على وجه التحدید، والتی یتوزّع فیها اتباع هذه الاقلیّة، کثُرت التساولات حول الایزدیّین ودیانتهم ومعتقداتهم. وکغیرهم من اتباع مختلف الادیان والطوائف، فقد طالتهم ید الاجرام التی رافقت تغلغل الجماعات الارهابیة فی المنطقة، مما ادى الى ابادةٍ جماعیّةٍ للاقلیّات وعلى الخصوص للایزدیّین ساکنی سنجار الواقعة فی محافظة نینوى فی العراق، وقد تعرضوا کغیرهم من السکان للقتل والتهجیر الذی لم یسبق له مثیل فی التاریخ الحدیث.وقد دفع الایزیدیون فاتورة ثقیلة جراء الاستهداف المتواصل لهم من قبل تنظیم داعش الارهابی، باعتبارهم کفّاراً یحلُّ قتلهم وسبی نساءهم.فی هذه المقالة نسلّط الضوء على النظریّات المختلفة حول الایزدیّة ونشاتها وتاریخها، بالاضافة الى الحدیث حول المعتقدات، الکتب المقدسة، الاوضاع الاجتماعیّة والتوزع الجغرافی لاتباع هذه الدیانة. کما سنتحدث حول الابادة الجماعیة (الفرمانات) التی تعرّضت لها هذه الاقلیّة على مرّ التاریخ، وصولاً لجرائم داعش الارهابیّة بحقهم، وما تعیشه الیوم.