السَّبْکُ الصُّوْتِی وَاَثَرُهُ فِیْ بِنَاْءِ الْنَّصِّ الْخطْبَةُ الْفَدَکِیَّةُ مِثَاْلاً

هذا بحثُ یتناولُ السَّبْکُ الصُّوْتِی وَاَثَرُهُ فِیْ بِنَاْءِ الْنَّصِ الْخطْبَةُ الْفَدَکِیْةُ مِثَاْلاً، وقد اقتضت خطة البحث اَن یکون فی اربعةِ مباحث هی: السَّبْکُ لُغَةً وَاصْطِلَاْحَاً، والسَّجَعُ، والجِنَاسُ، والتوازی، وقد بیَّنَ البحث قدرة السَّیدة الزهراء (علیها السَّلام) على الابداع الذی تحقق فی السَّبکِ الصوتی للخطبةِ الشریفةِ، فجاءت مقاطع الخطبة متماسکة ومتلاحمة بوساطة رکونها الى ادوات ترکیبیة استطاعت (علیها السَّلام) فی ضوئها ان تجعلَ النَّصَ مرتبطاً فی جُمَلِهُ ومقاطعه، واختارت السیدة الزهراء علیها السَّلام اللفظ المُعَبر الموحی ببلاغة عالیة صادرة عن وعی وفکر قل نظیرهما ومثیلهما الَّا عند نبینا الاکرم محمَّد (صلى الله علیه وآله)، وامیر البلاغة والفصاحة والبیان الامام علی (علیه السَّلام)، فارتقتْ باسالیبها وفصاحتها الى درجة البلغاء؛ اذ جعلت الالفاظ ناطقة معبرة على الرغم من الموقف الذی یناى فیه العقل عن التعقل والتدبر، فجاءت بجمل وعبارات فی قمة الحکمة والعلم، واظهرت الدِّراسة انَّ السیدة الزهراء (علیها السَّلام) استعملتْ عدداً من التقنیات الصوتیة کالتوازی والسجع، فقد حقق التوازی تجانساً صوتیاً، وایقاعاً تکراریاً، کما حقق السجع ایقاعاً موحداً خالیاً من التکلف، متسماً بالسلاسة والتتابع الصوتی والتناغم الایقاعی. واظهرتْ الدراسة ایضاً انَّ السیدة الزهراء (علیها السَّلام) وظفتْ انواعاً من السجع، منها السجع المتوازی، والسجع المُطّرف، فضلاً عن استعمالها (علیها السَّلام) نسق التصریع الذی کان فیه کثیر من التناسق الایقاعی الموثر، وعمق البناء النّغمی المتولِّد من السجع والجناس بانواعه المختلفة، فکان له الاثر البالغ فی نقل المشاعر والاحاسیس وتوضیح المعنى والتاثیر فی المتلقِّین.