عالمیة الخطاب القرآنی وعولمة الواقع فی فکر الامام الخمینی ( قدس سره )

فان عالمیة الاسلام امر مفروغ منه ، لا یجادل فیه الا بسفسطة القول . والقرآن الکریم ، الدستور الدائم للشریعة الاسلامیة ، والذی لا یختلف على مشروعیة احکامه وتعالیمه الا من خرج من ربقة الاسلام .وقد اشارت آیات القرآن الکریم - بالاشارة والتلمیح حینا ، وبالاسهاب والتوضیح حینا آخر- الى عالمیة المکان ، کونه الى الناس کافة . والى استمراریة الزمان کونه الرسالة الالهیة الخاتمة .وقد فصل ذلک - بالقول والفعل – اعلام المفکرین وعلماء الامة ، وعلى مر العصور .والامام الخمینی (قدس سره) واحد من اولئک الاعلام بل من ابرزهم ، وقد عاش فی احلک العصور الذی تکالبت فیه قوى الشر والاستکبار على البشریة عموما ، والمسلمین بصورة اخص . ولا نجانب الصواب ان فلنا انه اخطر العصور على الاسلام ، بدعوات زائفة وآراء منحرفة ، لم تکن جدیدة على الفکر البشری – کما یدعی دعاتها – ولکنها بلباس جدید ، حورت اکثر المدارس الاسلامیة ، حتى قلبت علیها المفاهیم الى نقیضها من المعانی .وبقیت مدرسة اهل البیت ( علیهم السلام ) ، المدرسة الوحیدة التی وقفت امام تلک التیارات وتحدیاتها .وقد وعى الامام الخمینی (قدس سره) ذلک بکل حیثیاته ، وجند کل جهوده ، ونذر حیاته للنهوض بواقع الامة الاسلامیة المتهریء ، واعتبره من مهامه الاساسیة ، بل ومن مهام کل عالم من علماء الامة ، ومن اهم واجباتهم الدینیة .فجاء خطابه (قدس سره) عالمی النزعة بمقارعة الاستکبار ، والوقوف امام استعباد الانسان ، باقواله حتى تحولت نظریات الاسلام الى واقع معاش ، وتطبیق عملی . وهذا ما افزع قوى الشر والعدوان المناهضة لتحریر الشعوب وایقاضها من السبات .فانطلق فی خطابه من عالمیة الخطاب القرآنی ، الى تطبیق عولمة الواقع واسلمة دعواتها ، بلفظ الفاسد وتوضیح المعتم من دعواتها ، وتقبل الصالح لتحریر الشعوب ، بعد ان کادت دعوات العولمة الغربیة ، والهیمنة الصهیوامریکیة ان تستعمر کل بقاع الارض واستعباد شعوبها .ولهذا تکالبت علیه وعلى دعوته وتطبیقاتها کل تلک القوى واذنابها السائرین برکابها . بالعدوان المباشر حینا ، وبغیر المباشر احیانا اخرى .وهذا البحث غیض من فیض مواقفه (قدس سره) فی القول والفعل ، مشفوعا بالآیات القرآنیة التی ینطلق منها ، لثقافته التی یستقی منها خطابه ، لیمثل عالمیة الخطاب القرآنی .ومواقفه من واقع العولمة المعاش بین الرفض والقبول ، وما احدثه خطابه هذا من اثر على العالم کله ولیس الاسلامی او الایرانی فحسب ، حتى اصبح هاجس الاستکبار الوحید ، القضاء على صوت هذا الخطاب والوقوف امام نهوضه