الحق فی المساواة وموقف القضاء الدستوری منه

شهد القرنان السابع عشر والثامن عشر حرکة فکریة وفلسفیة، حیث نادى عدد من المفکرین والفلاسفة بمبدا المساواة، ومن بعدها ادرج الحق فی المساواة فی الاعلانات والمعاهدات الدولیة والدساتیر الوطنیة، ویعد الحق فی المساواة اصل الحریات واساس الحقوق، وقد یستخدم کمقیاس لتطبیق جمیع الحقوق والحریات. وان الحق فی المساواة یضم عدة مبادئ فرعیة ومن اهم هذه المبادئ المساواة امام الوظیفة العامة، المساواة امام الاعباء العامة، والمساواة امام القضاء، والمساواة امام القانون الجنائی. وحرصت الدساتیر على النص على مبدا المساواة، ای ان هذا المبدا یتمتع بقیمة دستوریة، یرى البعض ان قیمتها الدستوریة لا تساوی مع النصوص الدستوریة الاخرى، لانها تطبق مباشرة من دون ان یحتاج الى تدخل المشرع.ان هذا المبدا کغیره من المبادئ الدستوریة یخضع للرقابة من جانب القاضی الدستوری، ویملک القاضی الدستوری السلطة التقدیریة، لکی یقرر دستوریة قانون بالرغم من مخالفته لبعض المبادئ الدستوریة، وعلى هذا الاساس فانه یاخذ فی الاعتبار المصلحة العامة واختلاف المراکز القانونیة والاعتبارات السیاسیة ولا یحکم بعدم دستوریة القانون، لانه یراعی السلطة التقدیریة للمشرع من جانب والاعتبارات العملیة من جانب آخر. واذا کان المشرع یملک السلطة التقدیریة فانه بمقدوره الاخلال الحق فی المساواة وذلک عند توفر شروط وضوابط معینة تودی الى تحقیق اهداف مشروعة، کما هو الحال بالنسبة لحالة التصحیح التشریعی، والتمییز الایجابی، وتقسیم الدوائر الانتخابیة، ففی کل هذه الحالات یتم الاعتداء على الحق فی المساواة ومع ذلک فان القاضی الدستوری یقر بدستوریتها ولا یرى فیها مساساً بتلک المبدا لانها تهدف الى تحقیق الصالح العام.