الجراحة المعرفیة لمعتنقی الافکار المتطرفة (المرجعیة الدینیة الرشیدة انموذجا)

تناول هذا البحث مفهوم الجراحة المعرفیة والذی یُعد مفهوماً معرفیاً حدیثاً یحوی الکثیر من الآلیات والوسائل والافکار والقدرات التی ان توافرت فی شخصیة ما دلّ ذلک على مدى قدرة هذه الشخصیة على اجراء تعدیل فی السلوک المتطرف وقدرات عالیة فی التاثیر والتغییر لذوی التفکیر المتطرف. ان السیطرة على الافکار المتطرفة وترویضها, یشابه الى حد ما السیطرة على الاورام الخبیثة واستئصالها لذا فانها تحتاج الى مهارات عالیة فی العلاج المعرفی یرتقى الى مستوى الجراحة المعرفیة والتی یستعمل فیها ادوات دقیقة جداً کی تمکن الجراح من الخروج بنتائج ایجابیة وخالیة من المضاعفات واعادة البناء النفسی والمعرفی للمتطرف. وتکمن اهمیة البحث الحالی فی الموضوع الذی یتصدى له فی ظل الاحداث التی یمر بها مجتمعنا بکل فئاته, لذلک تقدم هذه الدراسة معلومات عن آلیة الجراحة المعرفیة التی استعملتها المرجعیة الدینیة الرشیدة فی استئصال وتشذیب الفکر المتطرف, ودورها فی التصدی للهجمات الفکریة والاعلامیة والتعصب الفکری والمذهبی, مما استدعی عملیة جراحیة فائقة الدقة قامت بها المرجعیة الدینیة التی امتازت بنفاذ الذهن, وضخامة الفکر والقدرة على ادارة الاحداث وتکامل الشخصیة, وهذا هو دافعی فی عرض هذا البحث. وانسجاماً ومنهج البحث الوصفی فقد اشتمل بحثی هذا على المقدمة واربعة مباحث وخاتمة, فقد شمل المبحث الاول تعریفاً بالبحث ومشکلته واهمیته والتعریف بمصطلحاته, فیما جاء المبحث الثانی لیقف عند مفهوم الجراحة النفسیة وآلیاته, اماالمبحث الثالث فهو لدراسة الآلیات والاستراتیجیات والادوات التی استعملت فی الجراحة النفسیة من قبل المرجعیة الدینیة (الاحادیث والخطب والمواقف), وخصص المبحث الرابع لمناقشة مدى الافادة من المقومات الفکریة والشخصیة التی تمتلکها المرجعیة الدینیة فی تربیة الجیل الجدید على مفاهیم ثقافة الحوار وقبول الآخر والابتعاد عن الفکر المتشنج والمتعصب. وخلص البحث الى ان الاسالیب التی اتبعتها (المرجعیة الدینة) کانت تمثل بحق مستوى راقٍ من الجراحة المعرفیة وقدرات عالیة فی التحکم البیئی وضبط الظروف وامکانیة معالجة الازمات النفسیة والحلول المبتکرة والذی یعنی وجود تکاملیة فی استعمال السلوکیات والامکانات الخاصة بالعلاج المعرفی السلوکی, وعلینا ان نتخذ من مقام المرجعیة الدینیة انموذجاً یحتذی به للوصل الى درجة عالیة من المرونة الفکریة والرقی النفسی. واستکمالاً لمتطلبات البحث اضاف الباحث مجموعة من التوصیات والمقترحات.