الدور السیاسی للمرجعیة الدینیة فی العراق منذ الاحتلال البریطانی فی العراق حتى الاستقلال (1914 - 1932)

المرجعیة الدینیة مقام رفیع وسلطة روحیة علیا تحتل مکانة مرموقة فی الوسطین الاسلامی، و الشیعی منه بشکل خاص و لها نفوذ کبیر فی الاوساط الشعبیة یجعلها احد السلطات المهمة فی قیادة الامه على الرغم من انها تعمل خارج السلطات الزمانیة، ولا تملک اجهزة تنفیذیة او قوة لفرض قراراتها،وهی مقام لا یصل الیه ای احد، و الوصول الیه امر صعب و شاق و طویل، و یحتاج الى ملکات خاصة و شروط کثیرة، و من یصل الیه یکون قد وصل قبل ذلک الى درجة عالیة من التقو و الورع و الزهد ونکران الذات و الذوبان فی طاعة الله تعالى، والمرجع یکون على درجة عالیة من التربیة و التواضع، ما یوهله لشغل هذا المنصب المهم. و ما یعطی المرجع سطوة على القلوب، و طاعة الناس، تلک القداسة الدینیة و الروحیة التی تحیط بهذا الموقع ذی الطابع الابوی، بوصفه یمثل موقع النیابة عن الامامة المعصومة فی زمان الغیبة، فللمرجعبحسب هذا الکثیر مما للامام من السلطات التی توجب الطاعة و الانقیاد من الامة، و هو یمثل لهم الکهف الذی تلجا الیه عند الخطوب والمحن، الى جانب رجوعها الیه فی امور الدین والدنیا الیومییة. بقیت المرجعیة الدینیة على مر العصور تمارس سلطة روحیة علیا لتوجیه الامة، و حسم خیارلتها، و تحدید مسارات تحرکها، سلبا او ایجابا، و حفظ کیانها، و دفعها باتجاه المطالبة بحقوقها المشروعة، و هو دور طالما دفعت المرجعیة ثمن التصدی له خاصة فی عهود خاصة فی عهود الحکومات الظالمة والسلطات الدکتاتوریة، و على الرغم من الضغوطات التیمرت بها المرجعیة فی مراحل کثیرة لکنها لم تمنعها من التصدی للمسوولیة خاصة فی فترات الضعف الحکومی التی ترتفع فیها درجة المخاطر التی تهدد حیاة الناس و ممتلکاتهم، ولم تنقطع الصلة بین المرجعیة و الامة، التی ظلت تلجا للمرجعیة فی الظروف الحالکة، خاصة حین یتطلب الامر مواجهة مباشرة تستلزم اراقة الدماء و ازهاق الارواح. لقد کان للمرجعیه الدینیه الشریفه دور فاعل فی احداث العراق و المنطقة لایمکن لاحد ان یتجاهله، اذ یعد تاریخ مشارکة علماء الدین العراقیین فی صمیم السیاسیة الى سنوات الحرب العالمیة الاولى ،حیث دعا علماء الدین الشیعه للجهاد مع العثمانین ضد الانکلیز و ساهم بعضهم فی القتال فعلا، و کان للمرجعیه موقف من الحکومة و النضام الملکی ان تدخل المرجعیة فی السیاسیة نابع من مواقفها وحرصهاالشدید على ان ینال کل العراقیین حقوقهم، وان لایکون هناک تمیزلشریحه معینه حساب بقیة الشرائح. سیتم تقسیم البحث مقدمه و مبحثین تناول المبحث الاول المرجعیة الدینیه و الاحتلال البریطانی وناقش المبحث الثانی الدور السیاسی للمرجعیه فی العراق الملکی حتى دخول العراق عصبة الامم 1932 و استقلاله، و خاتمة تضمنت تلخلص لمحتواه و استخلاص بعض الاستنتاجات.