الدولة فی الفکر السیاسی الشیعی مشروعیة الدولة الدستوریة

ان الحدیث عن السیاسة هی معنى ذلک فن التحکم بالمجتمعات الانسانیة اما على الصعید الدینی فان السیاسة هی التحرک من اجل رعایة الناس وتامین مصالحهم و تخلیصهم من واقع سیء الى واقع افضل و التی تتحدد بقانون ینظم الحکومة و یحدد علاقات الدولة بالمواطنین وتعنی ان السیاسة هی القیام بما یحقق مصلحة المواطن و ادارة العلاقات الخارجیة وتدبیر شوون المجتمع ولا یمکن قیاس الوعی السیاسی بکثرةالمعلومات عن السیاسة بقدر على العمل للربط بینهما یضاف الى تحدید الموقف من کل واقعة سیاسیة و تحلیلها و نقدها والتی ترتکز على مصلحة العامة و تحقیق وضع اقتصادی و اجتماعی افضل للمواطنین داخل الدولة. ان قلة الفهم بالسیاسة و البعد عن فلسفة النظام السیاسی فی الاسلام هی بحد ذاتها ضلال و تودی الى سحب الدین الاسلامی على غیر مجراه وفق وسائل المکر والخداع و تلبیسها بتبریر السیاسة وانتهاک حقوقهم والتجاوز علیهم بمعنى تحریف تفسیر احکام الشرع و التجاوز على القوانین و التشریعات الالهیة الاصلیة لتبریر الطاغوت و الجبروت للحکام السیاسیین واذا کانت السیاسة ترتبط ببناء المجتمع فلابد من محاولة لفهم قضیة القوة و السلطة والتی تتم فی اطار محدد للنظام السیاسی، ولان منطق القوة ماخوذ من ارادة الانسان و هی تحتاج الى خصائص ممیزة من خلال الترکیز على دوافع الفرد و انفعالاته ولا یستطیع الفرد ان ینشئ علاقات تقوم على العنف ما لم یتم التحکم بارادته. ان منطق القوة فی الاسلام مختلف عن الطرح الغربی کون ان الاسلام یتحدث عن مفهوم تقلیدی للقوة، ولان دولة الاسلام تقوم على مقومات فکریة وفق بناءات اجتماعیة موطرة باطار سیاسی ولابد من صیانة ذلک الطرح الفکری الاسلامی، من خلال التطلع الخارجی و صیانة حدود المدینة وبناء مجتمع متکامل اضافة الى تحقیق هدف اسمى واشمل و هو اعمار الارض. ان هدف الاسلام هو بناء الاجیال القادرة والواعیة على قیادة مجتمعاتها و بناء رویة اکثر عقلانیة قائمة على کفة العقیدة من جانب و احترام التعددیة والآخرین من جانب آخر، و ذلک کان واضح من خلال الحرکة الفکریة وازدیاد النشاط الفکری والادبی مع ظهورالحرکات والتیارات الاسلامیة على مختلف العصور، کما ان الکتابات الاسلامیة باتت تلامس وبشکل مباشر کل ما یدور فی حلقة المجتمع من اجل تحقیق الهدف الالهی الاسمى هو تحقیق العدالة و اعمار الارض ان ضرورة اقامة الدولة ترتبط ارتباط وثیق بالسیادة مثلا احکام الحدود والقصاص تتم فی اطار سیادة الاحکام المالیة المیراث وتوزیعه وهی تتعلق بسلطة الدولة وان یسبقها فی ذلک سیادتها والتی تعبر عن خصوصیة ورمز الدولة، الجهاد فی سبیل الله واعلاء کلمة الله، حمایة الدیة، رد الاعتداء، حمایة المستضعفین، توزیع الغنائم فداء الاسرى لایمکن تنفیذ کل تلک الاحکام ما لم تکن هناک سلطة محمیة ومعززة بسیادة الدولة الآمرة و الناهیة فی داخل حدود وثغور تلک الدولة. ان فی الخطاب الدینی المتضمن معنى التوحید یتشکل معنى اخروی ونهائی عن الله و الانسان و العالم و التاریخ، و هذا المعنى یودی دوره کمصدر لکل المعانی المشتقة و المولدة من قبل البشر لا بل یشکل المرجعیة الاساس له، فبمجرد ان یتلو المرء العبادات و الشعائر یدخل فی فضاء العملیة التوصیلیة.