مرتکزات الدولة المدنیة بین المقدس و الحریة

على الرغم من اتفاق آراء المشرعین وفقهاء القانون واهل الرای فی تعریف المقدس الا ان هولاء لم یتفقوا على تعریف معین للحریة، ولما تکون الحریة موجودة ویحمیها القانون، و تحمیها المصلحة الاجتماعیة مثلما یحمی المقدس، و یکون الاثنان قرینة بعضها للبعض الاخر، و حینما ینتفی المقدس ربما تنتفی الحریة، وان العلاقة بین المقدس والحریة من جهة وبین السلطة من جهة اخرى هی علاقة جدلیة، و ان التجاوز على المقدس هو مفسدة ، و کذلک فالحریات المطلقة مفسدة مطلقا کما ان السلطة المطلقة مفسدة مطلقا ایضا، و یمکن ان نقول ان المقدس مطلق لکن لا یمکن ان تکون الحریات مطلقة، فضلا ان السلطة لا یمکن ان تکون هی الاخرى مطلقة. لهذا فان الدولة تتدخل للحفاظ على سلطة المقدس و تنظیم الحریات دفعا للفوضى، و دائما ما یوطر تنظیم الدولة هذا بالمصالح العامة، وان الحریات تکون نسبیة ؛ لانتقید السلطة ربما یکون باطار مصالح الاخرین، اما المقدس فشانه لیس شان الحریة او الحریات، و طبقاً لهذه الآراء یمکن ان نرى التفاعل و التنافر بین المقدس و الحریات احیانا . یعتبر المقدس والحریة من القیم المهمة فی حیاة الفرد و فی تاریخ المعمورة، فبعد قیمة الحیاة تاتی قیمة المقدس والحریة، حیث لا تستقیم الحیاة بدونهما. و قد سنت الدول منذ النشاة الاولى للسلطة شرائع و قوانین تضمن المقدس وحریةوکرامة الانسان ، وتمنع انتهاکها بای شکل من الاشکال، وتطورت النظرة البشریة لقیمة المقدس و الحریة مع تقدم الشعوب و المجتمعات، وکان هناک منذ النشاة الاولى تصور بان زمام الامر هو بید السلطة، لکن حجر الزاویة فی هذا الامر هو کیفیة الحفاظ على المقدس و ضمان الحریة فی ظل اشکالیة الدولة؛ لان المقدس والحریة هما الاساس ویجب ان تکون الحاکمیة لله اولا، و ثانیا للقانون الوضعی الانسانی ، وان المقدس والشریعة هما نظامان صالحان وهما نظام ربانی الهی بالاساس متوافق مع الحریة المنضبطة بکل ارثها، کما یذهب اغلب اصحاب الرای و الفقهاء، و على هذا الاساس جاءت القوانین المدنیة المعاصرة لحمایة مقدسات الناس و حمایة حریتهم فی التعبیر. ولاهمیة هذاالموضوع دار بحثنا على المباحث الاتیة:١ - نظرة عامة على المقدس.٢ - نظرة عامة على الحریة.٣ - المقدس و الحریة فی ظل اشکالیة الدولة المدنیة