دور المرجعیة الرشیدة الرقابی فی العراق 2003 - 2019 م

مثلت التوجیهات الدینیة للمرجعیة عاملا حاسما ومهما فی توجیهات الشعب العراقی فضلا عن توجیه مسار السیاسیین و الدولة فی خدمة المجتمع, اذ کانت فتاوى المرجعیة سندا حقیقیا فی بناء الدولة العراقیة رغم ان المرجعیة الدینیة لم تمتلک جهازا تنفیذیا لمحاسبة المتجاوزین، الا ان الامة التزمت بارشاداتها واوامرها بعنوان تکالیف شرعیة لا یجوز العمل خلافها. فکان دور المرجعیة فی المشهد السیاسی، واضح الحدود واضح التدخل و التوقیت کان للمرجعیة العلیا ادوار مختلفة منذ سقوط النظام السابق فی نیسان 2003 ولیومنا هذا، فقد اخذت المرجعیة الرشیدة بزمام المبادرة باصدارها الفتوى الدستوریة المهمة التی ارست دعائم بناء الدولة العراقیة الحدیثة وفق النظام الجدید الذی یعتمد التعددیة السیاسیة و التداول السلمی للسلطة عبر الرجوع الى صنادیق الاقتراع، کما حثت العراقیین على الاشتراک فی الانتخابات لتقریر مصیرهم بایدیهم, و على احترام القانون و الحفاظ على المال العام. و تدخلت المرجعیة العلیا مرات عدیدة لایقاف التدهور الامنی، مستخدمة قوتها الحکیمة و الرشیدة، بتقدیم الحلول السیاسیة الناجعة تارة، و بالتدخل المباشر تارة اخرى. کما اجهضت کثیراً من التدخلات التی مثلتها جهات اجنبیة حاولت وبشکل غیر مباشر الالتفاف على المطالب المحقة للشعب العراقی فی السیادة و الاستقلال و اخمدت الفتنة الطائفیة بالحکمة و الصبر، لیس ذلک فحسب بل واجهت الارهاب بکافة صوره و اشکاله، و کان من اهمها الهجوم الهمجی الذی تعرض له العراق من قبل تنظیم داعش، فقد اصدرت فتوى الجهاد الکفائی، مما عکس تغییر موازین القوى و احباط موامرة کبرى کانت تقضی العراق. و واکبت المرجعیة الرشیدة الانتفاضة الشعبیة فی تحقیق المطالب التی تنادی بالاصلاح و محاربة الفساد المالی والاداری و دعمته بخطبها الاسبوعیة من خطب الجمعة المبارکة، وظلت المرجعیة العلیا ولا تزال تراقب العملیة السیاسیة بدقة تامة فتتدخل متى ما استشعرت الخطر محدقاً بالعراق و مصالح شعبه، و وجدت ان تدخلها یکون مجدیاً فی حل الازمات المستشکلة او التخفیف منها، فی صیغ مختلفة معلنة و غیر معلنة، باختلاف الظروف و الحیثیات، و لکنها فی کل الاحوال تکون شفافة و واضحة لذوی الشان من مسوولین و غیرهم، و لیس من دابها ان تتفاوت مواقفها المعلنة عما تتبناه فی واقع الحال. فکانت آلیة المتابعة السیاسیة للمرجعیة الرشیدة عبر عدة آلیات، منها المتابعة المباشرة و غیر المباشرة عبر وسائل الاعلام المرئی و المسموع، او ما ینشر فی الصحافة و المواقع الالکترونیة، و منها ما یصدر من کتب و تقاریر و تصریحات صادرة من قبل المسوولین فی الدولة بمستویات متفاوتة تبین وجهات نظرهم فی مختلف شوون البلد، اما اصدار المواقف الحاسمة من المرجعیة الرشیدة فهو یبتنی على دراسة دقیقة و متانیة لکل حالة، و بعضها قد یستدعی الاستشارة من اهل الاختصاص.