حجاجیة افعال اللغة و قضویتها فی خطاب الآباء و الابناء فی نهج البلاغة (الطلبیات نموذجا)

اِنَّ مَنْ اسس نظریة افعال الکلام العالم جون اوستن، و هو من وضع لها المصطلح الذی عرفت به فی الفلسفة و اللسانیات الى الآن، و قسم اوستن الافعال بحسب قوتها الانجازیة الى خمسة: افعال الاحکام، و افعال القرارات. و افعال الالتزام و التعهد، و افعال السلوک، و افعال الایضاح، و اکمل مسیرته تلمیذه الذی وقف على هذه الافعال. فبین ضعفها، و انَّها لم تقم على اسس واضحة، عدا افعال التعهد، فقام بتصنیف آخر للافعال مبنی على اسس منهجیة مقسماً ایاها الى خمسة ایضًا الاخباریات، و التوجیهیات، و الوعدیات و الاعلانیات، و التعبیریات وقام الدکتور محمود احمد نحلة برسم خطوات اولى لنظریة عربیة لافعال الکلام منطلقا من تقسیم العرب لکلامهم الى: الخبر، و الانشاء، و هذا هو الاساس نفسه الذی انطلق منه جون اوستن فی افعاله الکلامیة، و قسم الدکتور محمود احمد نحلة الافعال حسب قوتها الانجازیة الى: الایقاعیات و تقابل الاعلانیات عند سیرل و الاخباریات و الالتزامیات و تقابل الوعدیات، و التعبیریات، و الطلبیات التی تقابل التوجیهیات عند سیرل. و الطلبیات (التوجیهیات) هی احدى انواع الافعال الکلامیة العربیة التی عرفها العلماء العرب القدامى بهذا الاسم؛ کونها تطلب من المخاطب شیئًا ما بوساطة الامر، و الاستفهام، و النداء، و التمنی، و قد اخرج الدکتور محمود التمنی فلا یعده من الطلبیات، و قد اضاف العالم الفرنسی دیکرو فعلین لافعال اوستن هما فعل الحجاج و یعنی المسار المعین المتوقع للوصول للنتائج، و فعل الاقتضاء: و هو المفهوم التداولی الدلالی الذی یعنی کل تواصل لسانی یکون منطلق الشرکاء فیه من الثقافات، و الافتراضات المعترف بها بینهم، و یتم ادراکه بطریق العلامات التی یتضمنها القول، و الطلبیات فی نهج البلاغة تودى بـ: الامر بانواعه، و النهی، و الاستفهام، و النداء، و ربما اجتمعت کلها فی کلام واحد له (علیه السلام)، و تکون بافعال مباشرة؛ ای حرفیة، او بافعال غیر مباشرة؛ ای غیر صریحة لا یمکن ان تنجز بوساطة اللفظ وحده، و هو ما سنراه فی هذا البحث.