البناء الاسلامی للاُسرة دراسة فقهیة

من خصائص البناء الاجتماعی فی الاسلام، انه منهج تعبدی وتربوی، شامل متوازن ومتکامل. ولکون الاسرة هی النواة الاولى فی بناء المجتمع، ولکل اجتماع لابدّ له من تنظیم، ولابدّ لهذا التنظیم من قِیَم تحکمه وتحد من طغیانه وتجاوزه؛ قننت الشریعة الاسلامیة -کغیرها من الشرائع السماویة السابقة- کل تفاصیل الحیاة الاسریة، سواءً باحوالها العادیة او باحوالها الطارئة. فعلى قدر ما تکون الحیاة الاسریة منتظمة وسعیدة، یکون المجتمع المبنی من هذه الوحدات المجتمعیة الصغیرة سعیدًا. وبناء الاسرة فی الاسلام یبدا انطلاقًا من تکوین العلقة الاولى بین الزوجین، على اعتبار انّ عقد الزواج هو الطریق الشرعی لتکوین الاسرة، ولذا جعلت الشریعة الاسلامیة من هذا العقد رباطًا مقدسًا وصفه القرآن الکریم بـ(المیثاق الغلیظ)(*). اذ کانت هناک زیجات شتى فی مجتمع الجزیرة العربیة قبل البعثة النبویة، لا یحدّها حد ولا یضبطها ضابط، وعند مجیء الاسلام الغى جمیع الزیجات التی لا تصلح لاقامة اسرة فاضلة او مجتمع متماسک، ولم یُقِرّ الّا زیجة واحدة، بان یخطب الرجل من الرجل ابنته او ولیته، ویعطیها صداق -او مَهْر- متفق علیه بینهما، ثم یتزوجها بعقد فیه ایجاب وقبول، ویستحب ان یکون على مشهدٍ من الناس. وقد تناول البحث اساسیات هذا البناء وفق المنظور الاسلامی فی مبحثین، سبقهما تمهید للتعریف بمفهوم الاسرة، واعقبهما خاتمة تضمنت ما خرج به من نتائج