تجلیّات التعالیم الاخلاقیة فی شعر الصاحب بن عبّاد

یُمکن للانسان ان یتحلّى بالقیم الاخلاقیة وذلک بناء على طبیعته النقیّة وتفکیره العمیق الّذی یتمتّع به. ومن حُرم هذه الموهبة؛ فانّ اهواءه النفسیة والتطرّق الى الامور الحیوانیة قد منعته عن الخوض فی مجال التدبّر فی فلسفة الحیاة، ممّا دعته الى الانشغال بالحیاة الیومیة. ومن اراد ان یسیر على خطى الکمال؛ فعلیه ان یُظهر امارات الخُلق والسلوک الانسانی ویمزج بین نفسیّته وتفکیره وهذه التعالیم الاخلاقیة. والانسان ابداً یبحث عن القیم المتعدّدة، مثل: کسب المعرفة، الاحسان، البرّ، الایثار، کتمان السرّ، العدالة، الفضل، الصدق والامانة و...وهذا یرجع الى عاملین: الاوّل وهو انّ الانسان یرى نفسه منتسَباً الى عالم الکمال ومن جهة اخرى یلحظ مناسبة قائمة بین مکانته الانسانیة السامیة مع هذه الطائفة من القیم الاخلاقیة. بیان التعالیم الاخلاقیة بصفتها احدى الموضوعات المهمّة فی شعر بعض الشعراء، تنحدر نوعاً ما الى افکار الشعراء وتجاربهم فی الحیاة. یعدّ الصاحب بن عبّاد من جملة الشعراء الّذین ظهرت فی اشعارهم -وبشکل صریح- المبادئ والقیم الاخلاقیة وبناء على ذلک فقد اثّر هذا الاجراء على المتلقّی تاثیراً مضاعفاً ممّا خلّد المفاهیم فی ذهنه. نطمح فی بحثنا هذا من خلال اتّباعنا للمنهج الوصفی-التحلیلی ان نتطرّق الى مظاهر التعالیم الاخلاقیة فی اشعار الصاحب بن عبّاد ونکشف عن المعانی الکامنة فیها. توظیف التعالیم الدینیة، التربیة الاسلامیة الخالصة، الشعور بالمحبة الانسانیة، نفسیّة الوفاء والرجولة والتجارب المختلفة دعت الصاحب بن عبّاد الى الالتزام بالقیم الاخلاقیة ودعوة النّاس جمیعاً الى هذه المثل الاخلاقیة. تناول الشاعر قِیماً متعدّدة فی اشعاره، منها: حبّ المعرفة، التفضّل والاحسان، المشورة، کتمان السرّ، اجتناب الغیبة، حفظ اللسان، الاجتناب عن الحرص والالتزام بالصبر والسکینة وقد الحق المضامین الدینیة الیها لکی یُظهر اهمیّتها ومدى ضرورة تلک المفاهیم فی الحیاة. اعتمد الشاعر الکلمات والمعانی البسیطة فی اشعاره الاخلاقیة وقد ابدى فیها ملاحظات قیّمة؛ بحیث انّ تلک الاشعار حظت بتاثیر عمیق على القرّاء والسامعین ودعتهم الى التامّل والتفکّر. علاوه على ذلک، انّ الشاعر قد استخدم صیغ الامر والنهی فی بیانه للوعظ والارشاد.