تطـور العلاقات بین الفـرس والعـرب فی ضوء حرکة الترجمة وتعامل الحکام العباسیین التعسفی تجاه الادباء والعلماء

ان الصلات الثقافیة المتوغلة فی القدم بین العرب والفرس، اتسعت الی آفاق جدیدة زمن کورش. وسنة 240م اسس الفرس امارة الحیرة علی نهر الفرات، فجاء کثیر من وفود العرب الثقافیة الی بلاط امراء الحیرة واطلعوا علی الثقافة الفارسیة ونقلوها الی بلادهم.کما کانت هناک صلات وثیقة بین الفرس والعرب فی البحرین وعمان والیمن، وکانت اسلاف الفرس تقصد البیت الحرام وتطوف به. وعندما ظهر الاسلام واعتنق الفرس الدین الجدید، وتفاقم الامر اثر استبداد بنی امیة بالحکم وتعاملهم اللاانسانی تجاه المسلمین، اخذ الفرس یضمون جهودهم الی جهود الناقمین علی الحکم الاموی للاخذ بثار اﻟﺤﺴﻴﻦ والمظلومین ﻣﻦ اﻫﻞ البیت(ع). فادت هذه الظروف الی ثورة عارمة ضد الحکم الاموی وبالتالی اطاحت به، ومهدت الارضیة لنهضة علمیة عظیمة، فنشطت حرکة الترجمة التی کانت ولیدة حرکة الساسانیین العلمیة وانتشرت ثقافة الفرس وآدابهم وبلغت علاقات الفرس والعرب ذروتها، فافادت العربیة ایما افادة من منتجات الفرس ومآثرهم العلمیة والادبیة. اما بنو العباس الذین کانوا قد بایعوا النفس الزکیة بضع ﻣﺮات قبل الثورة، فبعدما حرفوا الثورة عن مسارها المخطط، فما ان استقر بهم الامر حتى اختاروا سیاسة قمعیة دمویة تجاه معارضیهم من رواد العلم والادب، وسودوا وجه التاریخ بجرائمهم ومنکراتهم اللااخلاقیة، حیث اصبحوا بعیدین کل البعد عما یثیر البعض حولهم من ادوارهم الهامة والبنائة فی تشجیع العلوم والآداب وما الى ذلک من الاساطیر المفتعلة لتغطیة جرائمهم. فسنتوصل فی هذا المقال الی ما یبین لنا عدم مصداقیة هولاء عن کونهم مشجعی النهضة العلمیة وذلک وفق منهج وصفی- تحلیلی .