المبالغة فی شعر المدیح عند ابی الطیب المتنبی وابن هانئ الاندلسی ( دراسة مقارنة )

المبالغة فی الادب فن من البدیع المعنوی فی الکلام، یبلغ بها الوصف ذروته ویصل الى اعمق معانیه؛ فانها تقوم بالدور فی المزج بین الواقعیة والخیال، وقد تکون مقبولة فی حدود معینة جاءت ملائمة لمواضعها الا انها تکون مرفوضة اذا ادت الى «قلب الحقائق» و«تلبیس الحق بالباطل». من هذا المنطلق، تتخذ هذه الدراسة التطبیقیة من مدائح الشاعرین، ابی الطیب المتنبی وابن هانئ الاندلسی مجالا للتعرف على مدى المبالغة فی شعر المدیح، والکشف عن الملامح المشترکة التی ادت على هذا الفن عندهما بالاعتماد على شواهد من المبالغات الایجابیة ( المقبولة) والسلبیة ( المرفوضة) التی اکتظت بها مدائحهما، مستقصیا انماط توظیفها من خلال نصوصهما الشعریة. فمن خلال هذه التراسة یمکن ان نستنتج، ان المبالغات التی ترتفع بها مدائح المتنبی وابن هانئ الى اقصى حالاتها، نابعة من الظروف السیاسیة والاجتماعیة آنذک، ما ادى الى تشابه مستویاتها الادائیة فی اشعارهما. فتثبت الدراسة ان اکثر مبالغة المتنبی قد جاءت فی مدح «سیف الدولة» واکثرها عند ابن هانئ قد نظمت فی مدح المعز»، حیث اضفى الشاعران على ممدوحیهما صفات خوارق تدهش القارئ. فقد جمع بین الشاعرین ملامح مشترکة منها ان کلا منهما کان علوی النزعة، ولعل تاثر الشاعرین باسالیب المتصوفة والمتشیعة عمل فی دفعهما الى الاتجاه نحو المبالغة والغلو فی شعر المدیح. فتطلع الشاعران فی مدائحهما الى وصف الفضائل النفسیة والجسمیة لممدوحیهما؛ کالهیمنة، والقوة، والشجاعة، والجود، والجمال، والعلم، وغیرها من المبالغات التی یوصف بها «سیف الدولة» و«المعز» واعوانهما.