تقانتا الادهاش والتکثیف فی اعمال جمعة الفاخری ( مجموعتا عصیر ثرثرة وسحابة مسک نموذجا)

تعتبر تقانتا الادهاش والتکثیف من اهم تقانات القصة القصیرة جدا، فعنصر الادهاش یاتی فی القصة القصیرة جدا کخاتمة تتضح فیها معالم القصة وروى القاص، ومن سمات هذا العنصر وخصائصه هو انه یاتی مخالفا لسیاق الحرکة الدلالیة للحکایة وبهذا یکون مغایرا ومربکا لافق انتظار القارئ، کما ان تقانة التکثیف هی التی تمیز هذا الجنس الادبی من غیره من الاجناس الادبیة. انطلاقا من هذه الاهمیة جاءت هذه الدراسة لتسلط الضوء على هاتین التقنیتین فی الاعمال القصصیة لجمعة الفاخری بهدف معرفة حجم اسهامات هاتین التقنیتین فی نجاح القصة القصیرة جدا عند احد اعلامها فی المغرب العربی، ونظرا الى کثرة کتابات جمعة الفاخری فی هذا الجنس الادبی فقد رکزت الدراسة على مجموعتی عصیر ثرثرة وسحابة مسک کنموذج لباقی اعماله القصصیة، وتقوم هذه الدراسة على المنهج الوصفی التحلیلی لکشف مواقع هاتین التقنیتین، ثم بیان دورهما فی انجاح عملیة القص السردی عند الکاتب. وقد اتضح لنا ان تقانة الادهاش کانت حاضرة وبقوة فی قصص جمعة الفاخری القصیرة جدا، وان هذه التقانة تنتج عن الاضمار والغموض والحذف والتخییل وترک البیاضات الفارغة واصطناع لغة المفارقة و... لخلخلة میثاق التلقی وارباک القارئ وتبدید افق انتظاره وتوقعه، هذا بالاضافة الى تقانة التکثیف التی ساهمت فی اضفاء الحرکیة والضغط المعنائی الناتج عن کثرة المضمون فی قالب اللفظ الذی یختاره القاص، کما تنوعت اشکال التکثیف عند الفاخری ما بین تکثیف دلالی وبنائی وسیکولوجی. وعند مناقشة الاسالیب البلاغیة والفنیة فی قصص الکاتب وجدنا انها کانت متنوعة ما بین التناص والحوار والانزیاح والتضاد، والتناص لدی الفاخری وظف خدمة للتکثیف، فیما وجدنا الحوار والانزیاح والتضاد قد خدمت تقانة الادهاش ودورها.