العلاقات العثمانیة ــ القاجاریة (1796- 1847)

ان دراسة العلاقات العثمانیة- الایرانیة امر شائک للغایة، لان الدولتین بالاساس، تولفان دائرتین سیاسیتین تشکلتا نتیجة لاستغراق تکوینات سیاسیة متعددة ومتنوعة من الناحیتین الجغرافیة والاثنیة. وقد بلغتا مدى اتساعهما فی بدایة العصر الحدیث، حیث ما کادت دائرتهما تتماسان بعضهما مع البعض حتى نشب الصراع بینهما على المناطق الغنیة بثرواتها الاقتصادیة، او على المناطق التی تعتبر نقاط عبور استراتیجیة بین الشرق والغرب، مما جعل کل دائرة منهما تطغى على الاخرى تبعاً لظروف القوة والضعف عبر مرحلة زمنیة طویلة.کما ان النزعة الاستعماریة للدولتین العثمانیة والایرانیة سبباً مهماً فی الاصدامات العسکریة التی جرت بینهما، والتی ادت الى عقد العدید من المعاهدات والبروتوکولات من اجل احلال الصلح بینهما، بضغط مباشر وموثر من الدولتین المتنافستین على السیادة القاجاریة انذاک، روسیا وبریطانیا، بسبب نطاق النفوذ الواسع لکیلهما، فضلاً عن مصالحهما المشترکة فی کل من الدولتین القاجاریة العثمانیة انذاک. وان هذه البروتوکولات التی نقضتها الدولة القاجاریة یفسر بلا شک اتجاهاتها فی الاستیلاء والتوسع کلما سنحت الفرصة لها. تکمن اهمیة هذا البحث فی انه یسلط الضوء على حقبة تاریخیة مهمة عقدت فیها الدولتان معاهدات واتفاقیات تحمل العراق بسببها کثیرالً من المشاکل الحدودیة مع الفرس والاتراک فیما بعد، لانه ورثه ترکة ثقیلة من المشاکل بسببها، بالاضافة الى التدخلات الاجنبیة فی بلورة احذات هذه المرحلة من تفاعلات سیاسیة واقتصادیة فی تغیر وتبدل العلاقات بین الدولتین وخاصة فی النصف الثانی من القرن التاسع عشر.