الاستطراد وتسیید الهامش فی کتاب الحیوان للجاحظ

اعلن الجاحظ فی اکثر من موضع من کتبه ورسائله انه یاتی بالاستطراد منتقلا من الجد الى غیره محاولة منه جذب انتباه القارئ وتنشیطه لیتابع القراءة، فالهدف الرئیس الذی یعلنه الجاحظ من توظیفه ذلک هو استمالة القارئ الیه، الا ان الباحث فی هذه الورقة یقف عند اهداف مضمرة لم یعلنها الجاحظ بشکل مباشر لاسباب قد تتعلق بظروف عصره السیاسیة او الثقافیة، فقد عرف العصر العباسی بسیطرة ثقافات متعددة الى جنب الثقافة العربیة الاسلامیة، وقد جاءت تلک الثقافات متزاحمة مع الثقافة العربیة الاسلامیة وتحاول تثبیت نفسها بوصفها ثقافة جدیدة تقوم على موروث ثقافی غیر الموروث العربی الاسلامی وهذا عینه ما حاول الجاحظ محاربته فی کتابه الحیوان عندما جعل من الحیوان مسوغا للانتقال الى الموضوع الرئیس الذی هو موضوع الانسان وکل ما یتصل به من ثقافة ومعارف ومنظومة فکریة، فالحیوان الذی یمثل المرکز فی کتاب الحیوان، من خلال احتلاله الصدارة بوصفه العنوان والعتبة الاولى التی یدخل القارئ من خلالها الى موضوع الکتاب، فهذا المتصدر یتحول الى هامش بینما یرتفع الجاحظ بالانسان وما یتصل به الى مستوى المتن فی الکتاب ویحله فی المرکز من الاهتمام. وقف البحث عند محاولة الجاحظ توظیف الاستطراد لتفکیک المنظومة الفکریة التی یتکئ علیها الشعر الجاهلی بما یحمله من سلوکیات منحرفة، کما وقف عند دعوته الى تصنیف الکتب باللسان العربی نثرا، والابتعاد عن الکتب ذات اللسان غیر العربی، من خلال تقدیم المبررات التی تجعل الترجمة غیر موهلة لنقل المعارف من لغة الى لغة اخرى، کما وقف البحث عند الاستطراد من خلال الفکاهة والهزل، ومحاولة معرفة الاهداف من وراء المجیء بتلک الفکاهات.