الاسترجاعُ فی ثلاثیات حنا مینة

یعرّفُ الاسترجاعُ بانّه استحضار الاحداث الماضیة التی سبق وقوعها لحظة السرد واسترجعها الراوی فی الزمن الحاضر او فی اللحظة الآنیة ویمثّل الاسترجاع سمة بارزة فی المتن الروائی الکلاسیکی ، حتى اصبح من اکثر التقنیات حضورًا وتجلیًّا ، اذ تخلصّت الروایة الحدیثة من الحبکة التقلیدیة ، التی تعتمد على التسلسل المنطقی للاحداث ، واضحت بنیتها تعتمد على التشظی الزمنی اللامنتظم ، والتداخل الزمنی - احیانًا - بین الماضی والحاضر ، الامر الذی یجعل الاسترجاع واحدًا من اهم آلیات وصور تدخل السارد ، لاعادة الترتیب الزمنى للوقائع داخل السرد ، وبذا ینتقل دور الاسترجاع من کونه واحدًا من آلیات الانتاج السردی الى کونه مکونًا سردیًّا . وللاسترجاع ثلاثة انماط رئیسة ، یقسّمها النقاد تبعًا لمداه الزمنى الى (خارجی – داخلی – مزجی)، حیث یقع الاسترجاع الخارجی خارج نطاق احداث الحکایة الاولى ، بخلاف الاسترجاعات الداخلیة التی تنحصر فی الداخل ، فتستحضر ماضیًّا یحدث فی نقطة تالیة لانطلاق القصّ الاول ، بینما تجمع الاسترجاعات المزجیة بین النوعین السابقین ، اذ تمتد من نقطة خارج المنطلق الزمنی للمحکی الاول ، لتلتقی حنا « ببدایته ، وقد تجلّت هذه الانماط ، لاسیما الخارجیة والداخلیة ، حتى شکلت ملمحًا بارزًا فی ثلاثیات حنا مینة موضوع بحثنا هذا.