انعکاس النّسویّة ومحاولة تغییر الانظمة الاجتماعیّة فی روایة «المستحیل» لمصطفی محمود

من رحم المعاناة والاضطهاد، انطلقت صرخة النّساء وشکّلت الحرکة النّسویّة بتیاراتها المتعدّدة. وسعت النّسویّة الى تغییر الفکر التقلیدیّ والنّظم الاجتماعیّة السائدة التی تُبعد النساء عن صناعة القرار وتحدید المصیر. وکانت لهذه المحاولات ردود فعل متنوّعة بین الرفض والقبول، کما انتشرت الحرکة کزیٍّ ثقافیٍّ تبنَّاه الشباب والمثقّفون. واثمرت الدعوات والمحاولات النّسویّة ثمارها، فتاثّرت اغلب النساء وخرجت من نطاقها الضیق، لتصبح حرکة عالمیّة. وانبهرت المراة المسلمة والعربیّة بهذه الموجة المتصاعدة، فظهرت تاثیراتها فی المظهر والسلوک، وتجلّت فی الادب والشعر. وکان مصطفى محمود من الادباء الملتزمین الذین حاولوا مناقشة النظریات الفکریّة الغربیّة ومعالجتها عبر الادب والفکر. من هنا، یحاول هذا البحث ان یتناول روایة «المستحیل» باستخدام المنهج الوصفیّ-التحلیلیّ والنظریّة النّسویّة فی النقد. وتُظهر نتائج البحث انّ الروایة تستکشف دور المراة فی تحدّی الانظمة الاجتماعیّة التقلیدیّة داخل مجتمع محافظ، حیث برزت الشخصیّة النّسویّة «فاطمة» بمواقف رافضة وثوریّة، ساعیةً الى بسط سیطرتها والتاکید على استقلالها الفردیّ. فقد رفضت النظام الاسریّ القائم، فطلَّقت زوجها وهربت من مسوولیات الزواج والامومة. علاوة على ذلک، لم تتحمّل البطلة مفهوم القیمومة وسلطة الرجل فی العائلة، فرکّزت على تحقیق الاستقلال المالی وضمان حریتها المطلقة. اما على الصعید الاخلاقیّ، فکان الصراع اشدّ ضراوة، لانّها ترى هذه القوانین من صنع الرجل ورویته. فقد طالبت فاطمة الرجال بالتخلّی عن الاخلاق الموروثة فی مجتمع الروایة، فدعت حلمی الى تجنب الغیرة الرجولیة، وعدم ربط الشرف بالمراة، ومنحها حریّة التصرّف والاختیار. کما مثّلت الجسد الانثویّ مصدراً للقوة والسیطرة على الآخر، فکان وسیلة لکسب الرجل عبر الاثارة الجنسیّة. وفی الوقت نفسه، کان ضحیة للانکسار والتشیو فی شخصیّة البطلة.